المتدربون في مجال صناعة مراكز البيانات
المتدربون في مجال صناعة مراكز البيانات

المتدربون في مجال صناعة مراكز البيانات

إنّ تأسيس البيئة المثالية للتدريب المهني، يمثل مكوناً أساسياً ورئيسياً لسد فجوة مهارات مراكز البيانات. 

ويقدم كبير مديري العمليات الأوروبية ستيف هايوارد (Steve Hayward)، حلاً لآلية التي يمكن من خلالها لمشغلي مراكز البيانات والمجتمع الاستجابة لعملية دمج المواهب والخبرات المجتمعية غير المستفاد منها، وضمها إلى الشركات التي تسير في طريق النمو والتوسع والتي تحتاج إلى خبرات دعم في هذا المجال.

وأظهرت الإحصائيات (البيانات) الأخيرة التي خلصت إليها المملكة المتحدة، أنّ أكثر من 95 بالمائة من أرباب العمل يؤكدون أنهم استفادوا ولو لمرة واحدة على الأقل، في تشغيل الأشخاص المتدربين، ما يشير إلى أنّ هذه الشركات لا يزال لديها فرصة كبيرة جداً لإعادة النظر في خطط التدريب المهني بشكل أوسع.

وعلاوة على ذلك، لا يزال هناك الكثير من الشباب يتساءلون فيما إذا كان الأولوية (الأحقية) لهم الالتحاق في مراحل الدراسة الأكاديمية في مؤسسات التعليم العالي أم لا، فهم يسعون بدلاً من ذلك، إلى الدخول في مجالات التدريب المهني. فقد خلصت بعض الدراسات البحثية الأخيرة، إلى وجود زيادة واضحة في مشاركة الشباب (اليافعين) ممن تزيد أعمارهم عن 19 عاماً حتى عام 2021/ 2022، في مجالات التدريب المهني بنسبة 3.3 بالمائة مقارنة بما كان عليه في العام 2020/ 2021. وفوق كل ذلك، لا يزال يشهد قطاع تقانة المعلومات (التكنولوجي) وبالتحديد قطاع مراكز البيانات، فجوة كبيرة نتيجة نقص المهارات والخبرات اللازمة فيه. وهذا ما يدفع إلى طرح تساؤل آخر، كيف يمكن للقائمين على مركز البيانات والمجتمع على العموم، الاستجابة لتمهيد انضمام مواهب جديدة غير مستثمرة ضمن الشركات التي تزداد وتسعى إلى النمو والتوسع وهي بنفس الوقت بحاجة أيضاً إلى مهارات تدعمها في ذلك؟

ثمّة عنصران رئيسيان لذلك، هما: كسر الحواجز التي تحول دون تحقيق التنوع والإنصاف والإدماج وتأسيس مراكز التدريب المهني المثالية.

الاستمرار في بناء بيئات شمولية

من المهم أن ينمو عدد المتدربون الجدد المحتمل توظيفهم من مختلف الخلفيات المعرفية في مرحلة التدريب المهني الخاص بهم، مما يتطلب التزاماً مستمراً لتحسين التنوع والإنصاف والاندماج بشكل فعال للغاية (DEI).

الأمور الإيجابية هو أن الحواجز غير المرئية المتوقع حدوثها على المستوى القومي والتي تحول دون قدر أعظم من التنوع في المتدربين بدأت تنهار (تختفي). في شباط/ فبراير 2023، أعلنت وزارة التعليم في المملكة المتحدة، أنها ترفع مستوى الوعي بخيارات التدريب المهني المتاحة أمام اليافعين، وذلك من خلال نظام خدمات القبول في الجامعات والكليّات (UCAS)، الذي سيسمح لشريحة واسعة من الأشخاص (الشباب) بالتقدم للحصول على التدريب المهني، والسير بهذا الاتجاه، بالتوازي مع تحصليهم العلمي في الجامعات البريطانية.

ولكن ينبغي أن تتعمق للشركات أيضاً في البحث عن الأشياء التي يمكّنها القيام به لتطوير مسألة التدريب المهني. إن تحقيق هذا التنوع والإنصاف والاندماج بشكل فعّال للغاية ليس نشاطاً واحدا تم إنجازه، بل يتطلب مراجعة وتبدلات مستمرة مع مرور الوقت. ويتعلق الأمر بضمان أن يشعر الأشخاص من جميع مناحي الحياة، بمختلف تركيباتهم السكانية كالعمر والجنس والانتماء العرقي، بالثقة في كونهم جزءاً من الفريق وأن تتاح لهم فرصة متابعة مهنة مرضية لهم. كما يعني أيضاً الاستماع إلى الموظفين واتخاذ الإجراءات لتحسين آليات العمل. وهذا ليس بالأمر السهل على الإطلاق ولكنه سيحقق أرباحاً (ثماراً) في الأمد البعيد.

وخلصت دراسة قامت بها وحدة أبحاث شركة ماكنزي (McKinsey) أن التعددية أو الاختلاف ليس مجرد عملية تسلية، بل إنه تصرف منطقي من الناحية التجارية، حيث من المرجح أن تتفوق الشركات المتنوعة في الأداء على الأخرى الأقل تنوعاً فيما يتعلق بمسألة تحقيق الأرباح. وعلى هذا فإن تعدد أماكن البحث عن الموظفين الجديدة يشكل أهمية بالغة لدى الشركات، فيمكن أن يفكروا في البحث ضمن المجتمعات المحلية والمدارس التعليمية، أو حتى في مجموعات الهواة مثل الفرق الرياضية أو الفنون أو الفرق الموسيقية التي يمكن أن تضم موظفين محتملين جدد محفزين بمجموعة من المهارات القابلة للتحويل والمفيدة للعمل في مراكز البيانات الخاصة بها.

وقالت كيرستي بون، إحدى المتدربات مع برنامج سايروس ون (CyrusOne): “قد أقمنا شراكة مع كلية التكنولوجيا التابعة لجامعة هيثرو (Heathrow) وهي كلية متخصصة تدرس العلوم والتكنولوجيا والرياضيات والهندسة، بهدف إعادة تصميم مناهجها التعليمية الحالي بما يسمح للطلاب باكتساب المهارات والمعارف الأساسية اللازمة لتطوير الوظائف التكنولوجية الفنية في قطاع مركز البيانات”. وتكلمت بون، عن كيفية مساعدتها ضمن التدريب، في فهم نوع الخيارات المهنة المتاحة لها على المدى الطويل وما تبحث عنه في وظيفة بدوام كامل في المستقبل.

وفي مجال التوظيف يعد التفكير النقدي في الممارسات المتبعة أمر ضروري (حيوي) أيضاً. حيث شاركت شبكة المملكة المتحدة لرواد التكنولوجيا (Tech Nation)، طرق عدّة قام بها المبتكرون بتحسين عمليات التطبيق الخاصة بهم. فعلى سبيل المثال، أخفت إحدى الشركات من ملفات بيانات بعض المرشحين للتوظيف لديها، مثل أسمائهم وتفاصيلهم التي يمكن أن تكشف عن سنوات خاصة بهم مثل سنة التخرج من المدرسة، لإزالة التحيزات الضمنية المحتملة خلال عملية الاختيار، بالإضافة إلى التركيز على مسائل الأدوار والمهام في عملية تقديم طلبات التوظيف. وأثبتت هذه تجربة العشوائية في تحكيم الاختيار، أن ما يصل إلى 60 في المائة من المتقدمين المؤهلين للوظائف، كان من الممكن إخراجهم في مرحلة مراجعة السيرة الذاتية الخاصة بهم. وأظهرت دراسات لشركة (Tech Nation) أيضا أن فرق الموارد البشرية التي تنفذ هذه الإجراءات بعد عام من التوظيف، وجدت أنّ معدل الاحتفاظ بالموظفين (الدائمين) لديها بلغ نحو 96 في المائة.

بناء البيئة المثالية للتدريب

كشف مركز الأبحاث (EDSK) للتعليم، أن العديد من المتدربين الذين يتركون التدريب المهني نتيجة نقص التدريب والإدارة، شعروا بأن تجربتهم لم تكن مجدية، وحتى أنهم حصلوا على أقل من يوم إجازة واحد في الأسبوع خلال تدريبهم. فالآلاف من المتدربين يقاطعون عمليات التأهيل في وقت مبكر من كل عام، لذلك من الضروري أن يقوم مقدمو خدمات وبرامج التدريب المهني بتطبيق آليات هيكلية جديدة تضمن شعور الموظفين المتدربين بالدعم من بداية فترة التأهيل حتى نهايتها. وإنّ لم يتم ذلك، بغض النظر عن أوضاعهم، سيشعرون بأنّهم غير مرتبطين بالبرنامج وغير متحمسين للاستمرار في العمل في مركز البيانات.

إنّ الأمر الأساسي (المفتاح) هو عملية التقييم المستمرة لما يشعر به المتدربون في الأدوار المنوطة بهم، والتأكد من أنهم يشعرون بالقدرة على طرح الأسئلة حتى يتمكنوا من الاستفادة القصوى من وقتهم. وهذا يعني التأكد من إعداد المديرين للوصول إلى النتائج الناجحة والشعور بأن تخصيصهم كمتدربين، لديهم الأدوات والتدريب المناسبين لذلك. ويتطلب تطوير برامج التدريب المهني أيضاً الاستثمار في التقنيات الجديدة التي تجعل تجربة التدريب لدة المتدربين، في أفضل حالاتها، مثل منصات تهيئة الموظفين الجدد أو وأنظمة التدريب.

من الأهمية بمكان أيضاً أن تكون برامج التدريب المهني واضحة بخصوص الأدوار التي يلعبها الموظفون الجدد داخل مراكز تشغيل البيانات، حتى تتمكن مؤسسات التدريب من تلبية توقعات المتدرب وأن يلبي المتدربين بدورهم، النتائج التي تطمح إليها الشركات المدربة أيضاً. لذلك، فإنّ ضمان قبول المتدربين للدعم منذ البداية، وتوفير لهم أحقية التواصل إلى مرشد لهم في العمل أو صديق ومنحهم مسؤوليات حقيقية- والتي يمكن أن يروها بشكل ملموس (فعلي)- يمكن أن يجعلهم يشعرون بإحساس كبير بالانتماء. وكلما زاد رضاهم عن الدور المنوط بهم، كان من المرجح أن تكون النتائج أفضل، مما قد يؤدي بدوره إلى الاحتفاظ بهم بل ويعزز أكثر فرصة أن يصبحوا موظفين دائمين.

وشرح المتدربون كيفية استمتاعهم بالفعل في مواجهتهم العديد من مجالات وفرص العمل، على سبيل المثال من خلال تعقّب عمليات التسويق ومديري المرافق والمهندسين والعديد من الموظفين الآخرون في مواقع عملهم المختلفة لفهم كيفية سير عمل الشركة بشكل شامل. وذلك يمكن أن يساعدهم في تصور جميع المسارات المهنية المختلفة المتاحة وإلهامهم لرؤية أنفسهم في مكان الإدارة في المستقبل.

المستقبل

فجوة المهارات التكنولوجية ليست مشكلة يمكن حلها بسهولة في أي وقت قريب، ولكن المتدربين يمكن أن يكونوا مصدراً ضخماً للمواهب للمساعدة في تخفيف هذه المسألة على المدى القصير والطويل. ومع وجهات النظر الجديدة، والعقول الفضولية، والرغبة في التعلم، هناك الآلاف من المتدربين الجدد المتوقع أن يصبحوا موظفين وقيمة لا تقدر بثمن في مجال مراكز البيانات، والشركات محقة في البحث عن الطرق التي يمكنها من خلالها تطوير بيئة العمل لتكون أكثر شمولاً وضمان ازدهار الجميع في وظائفهم بصرف النظر عن مدى صعوبة ذلك. ومع ذلك، إذا لم تلتزم الشركات العاملة في مجال صناعة مراكز البيانات بالقدر الكافي من الموارد لتطوير وتحسين برامج التدريب المهنية الخاصة بها، فإن هذه الاستراتيجية يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية وتترك الأفراد ذوي الإمكانات الكبيرة يشعرون بالغربة (الميل نحو ترك العمل) بدلاً من ذلك. وعلى هذا النحو، يتعين على الشركات أن تكون سبّاقة في الحصول على تجربة التدريب الصحيح، وبالتالي يمكنها أن تجني المكاسب- من أعضاء فريق العمل الجدد الرائعون، والاحتفاظ بهم بشكل أفضل وبشكل أوسع، ما يدفعهم إلى توظيف أنفسهم في حالة جدّة للنجاح في عملهم بشكل أكبر. 

تصفحوا العدد الجديد